خامساً: تصريح العلماء بتواتر أحاديث المهدي
صرّح علماء الدراية وجملة من ذوي الاختصاص بعلوم الحديث دراسة وتدريساً بتواتر أحاديث المهدي الواردة في كتب أهل السنة من الصحاح والمسانيد وغيرها، وبالنظر لكثرتهم سوف نقتصر على ذكر بعضهم، وهم:
1 ـ البربهاري شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره (ت|329 هـ): نقل عنه الشيخ حمود التويجري في كتابه: الاحتجاج بالاَثر على من أنكر المهدي المنتظر ص 28 انه قال في كتابه (شرح السنة): «الاِيمان بنزول عيسى بن مريم عليه السلام: ينزل.. ويصلي خلف القائم من آل محمد صلى الله عليه وسلم» ولايخفى ان (الايمان) يعني: الاعتقاد، والاعتقاد لايبنى على خبر الآحاد.
2 ـ محمد بن الحسين الآبري الشافعي (ت|363 هـ). قال في كتابه مناقب الشافعي: «قد تواترت الاَخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجيء المهدي، وأنه من أهل بيته صلى
____________
(1) حول المهدي | الالباني: 644 مقال نشر في مجلة التمدن الاسلامي ـ دمشق، السنة | 22 ذي القعدة 1371 هـ.
(2) دفاع عن الكافي | ثامر العميدي 1: 343 ـ 405.
وقد نقل هذا عنه القرطبي المالكي في التذكرة: 701 والمزي في تهذيب الكمال 25: 146 | 5181 في ترجمة محمد بن خالد الجندي، وابن القيم في المنار المنيف: 142 | 327 وغيرهم.
3 ـ القرطبي المالكي (ت|716 هـ)، نقل قول الآبري المتقدم وأيّده بتصحيح ما أورده من أحاديث المهدي واحتج بقول الاِمام الحافظ الحاكم النيسابوري: «والاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة، ثابتة» (1).
وقال في تفسيره (الجامع لاحكام القرآن) في تفسير الآية 33 من سورة التوبة: «الاخبار الصحاح قد تواترت على ان المهدي من عترة الرسول صلى الله عليه وسلم»(2).
4 ـ الحافظ المتقن جمال الدين المزي (ت|742 هـ)، احتج بقول الآبري المتقدم في تواتر أحاديث الاِمام المهدي ولم يتعرض له بشيء، بل أطلقه إطلاق المسلّمات(3).
5 ـ ابن القيم (ت|751 هـ)، أيّد قول الآبري أيضاً وذلك بتقسيم أحاديث الاِمام المهدي إلى أربعة أقسام: الصحاح، والحسان، والغرائب، والموضوعة(4)، ولايخفى بأن مجموع الصحاح والحسان مما يبلغ التواتر لكثرته واستفاضته.
6 ـ ابن حجر العسقلاني (ت|852 هـ)، نقل القول بالتواتر عن
____________
(1) التذكرة: 701.
(2) تفسير القرطبي 8: 121 ـ 122.
(3) تهذيب الكمال 25: 146 | 5181.
(4) المنار المنيف: 135.
7 ـ شمس الدين السخاوي (ت|902 هـ)، صرح غير واحد من العلماء بأنَّ السخاوي من المصرّحين بتواتر أحاديث المهدي، منهم: العلاّمة الشيخ محمد العربي الفاسي في كتابه المقاصد، والمحقق أبو زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي في مبهج القاصد، على مانقله عنهما أبو الفيض الغماري(3).
ومنهم أبو عبدالله محمد بن جعفر الكتاني (ت|1345 هـ) في نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 226 | 289.
8 ـ السيوطي (ت|911 هـ)، صرح بتواتر أحاديث المهدي في الفوائد المتكاثرة في الاحاديث المتواترة، وفي أختصاره المسمى بالازهار المتناثرة، وغيرها من كتبه على حد تعبير السيد الغماري الشافعي(4).
9 ـ ابن حجر الهيتمي (ت|974 هـ)، دافع عن عقيدة المسلمين بظهور الاِمام المهدي كثيراً مصرحاً بتواترها(5).
10 ـ المتقي الهندي (ت|975 هـ)، مؤلف كنز العمال، دافع المتقي الهندي عن عقيدة الاِمام المهدي عليه السلام دفاعاً مدعوماً بالحجة والبرهان وذلك في كتابه: البرهان في علامات مهدي آخر الزمان.
ولعل أهم ما في هذا الكتاب هو الفتاوى الاربع المذكورة فيه
____________
(1) تهذيب التهذيب 9: 125 | 201.
(2) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 6: 385.
(3) المهدي المنتظر لاَبي الفيض: 9.
(4) ابراز الوهم المكنون لابي الفيض: 436.
(5) الصواعق المحرقة: 162 ـ 167 الفصل | 1 باب | 11.
وقد نصَّ المتقي على أن هؤلاء هم علماء أهل مكة وفقهاء المسلمين على المذاهب الاَربعة، ومن راجع فتاواهم عَلِمَ علم اليقين أنهم متفقون على تواتر أحاديث المهدي، وأن منكرها يجب أن ينال جزاءه، وصرّحوا: بوجوب ضربه وتأديبه وإهانته حتى يرجع إلى الحق على رغم أنفه ـ على حد تعبيرهم ـ وإلاّ فيهدر دمه(1).
11 ـ محمد رسول البرزنجي (ت|1103 هـ)، صرح بتواتر أحاديث المهدي فقال: «أحاديث وجود المهدي، وخروجه آخر الزمان، وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ولد فاطمة رضي الله عنها. بلغت حد التواتر المعنوي، فلا معنى لاِنكارها»(2).
12 ـ الشيخ محمد بن قاسم بن محمد جسوس (ت|1182 هـ)، نقل الكتاني في نظم المتناثر تصريحه بالتواتر(3).
13 ـ أبو العلاء العراقي الفاسي (ت|1183 هـ)، له تأليف في الاِمام المهدي، وقد نقل في نظم المتناثر تصريحه بالتواتر(4).
14ـ الشيخ السفاريني الحنبلي (ت|1188 هـ)، نقل القنوجي عنه أنه من القائلين بتواتر أحاديث المهدي في كتابه اللوائح(5).
____________
(1) البرهان على علامات مهدي آخر الزمان: 178 ـ 183.
(2) الاشاعة لاشراط الساعة | البرزنجي: 87.
(3) نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 226 | 289.
(4) المصدر السابق: 226 | 289.
(5) الاذاعة | القنوجي: 146.
16ـ الشوكاني (ت|1250 هـ)، ويكفي لاثبات قوله بتواتر أحاديث المهدي كتابه الشهير (التوضيح في تواتر ماجاء في المنتظر والدجال والمسيح).
17 ـ مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي (ت|1291 هـ)، صرح بتواتر أخبار المهدي مؤكداً على انه من أهل البيت عليهم السلام (2).
18 ـ أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية (ت|1304 هـ)، وصف أحاديث المهدي بالكَثْرَة وقال: (وكثرة مخرجيها يقوي بعضها بعضاً حتى صارت تفيد القطع) ولايخفى أن درجة القطع في الاَخبار تحصل بالتواتر(3).
19 ـ السيد محمد صديق حسن القنوجي البخاري (ت|1307 هـ)، قال عن أحاديث المهدي عليه السلام: «والاحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر» (4).
20 ـ أبو عبدالله محمد بن جعفر الكتاني المالكي (ت|1345 هـ)، نقل القول بالتواتر عن جملة ممن ذكرناهم إلى ان قال: «والحاصل: ان الاحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة» (5).
إلى غير هؤلاء مما لايتّسع هذا البحث المختصر لاِيراد أقوالهم كلّهم
____________
(1) اسعاف الراغبين: 145 و 147 و 152.
(2) نور الابصار | الشبلنجي: 187 و 189.
(3) الفتوحات الاسلامية 2: 211.
(4) الاذاعة: 112.
(5) نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 225 ـ 228 | 289.
وهنا لابدّ من تسجيل كلمة مهمة للاستاذ بديع الزمان سعيد النورسي ـ وهو من أفاضل علماء أهل السنة في أوائل القرن الرابع عشر الهجري ـ قال: «ليس في الدنيا قاطبة عصبة متساندة نبيلة شريفة ترقى إلى شرف آل البيت ومنزلتهم، وليس فيها قبيلة متوافقة ترقى إلى اتفاق قبيلة آل البيت، وليس فيها مجتمع أو جماعة منورة أنور من مجتمع آل البيت وجماعتهم.
نعم. إنَّ آل البيت الذين غُذّوا بروح الحقيقة القرآنية، وارتضعوا من منبعها، وتنوّروا بنور الايمان وشرف الاسلام، فعرجوا إلى الكمالات، وأنجبوا مئات الاَبطال الاَفذاذ، وقدّموا اُلوف القُوَّاد المعنويين لقيادة الاَُمّة؛ لابد أنهم يُظهِرون للدنيا العدالة التامة لقائدهم الاعظم المهدي الاكبر، وحقانيته بإحياء الشريعة المحمدية، والحقيقة الفرقانية، والسنّة الاَحمدية، وتطبيقها، وإجراءاتها.
وهذا الاَمر في غاية المعقولية فضلاً عن أنّه في غاية اللزوم والضرورة، بل هو مقتضى دساتير الحياة الاجتماعية» (2).
____________
(1) دفاع عن الكافي | ثامر العميدي 1: 343 ـ 405.
(2) اشراط الساعة (من كليات رسائل النور ـ الشعاع الخامس) | بديع الزمان سعيد النورسي ترجمة احسان قاسم الصالحي ط 1 مطبعة الحوادث ـ بغداد 1412 هـ ص: 37 ـ 38.
منبع: المكتبة العقائدية » المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي (لـ مركز الرسالة)
نظرات شما عزیزان:
موضوعات مرتبط: امام عصر (عج)